صراع الفسيفساء في مؤتمر الحزب اليساري الألماني
نزار رهك
عقد مؤتمر حزب اليسار الألماني نهاية الأسبوع الماضي وبحضور مندوبي 13
محافظة من أجل تجديد الهيئة القيادية للحزب بعد إستقالة كل من لوثار
بيسكي و كذلك أوسكار لافونتين لأسباب مرضية وقد القى الأخير خطابا
توديعيا أكد فيه على ضرورة حركة اليسار بأعتبارها القوة الوحيدة
القادرة على مواجهة الرأسمال العالمي الذي ينتقل من أزمة الى أخرى
ويحاول تحميل عبء أزماته على الشعوب عبر الحروب الأمبريالية ووجه نقدا
لاذعا للحكومة الألمانية في سياساتها الأقتصادية والخدمية وتحدث بحدة
بأن ( الديمقراطية قد تم القضاء عليها )
وأنتقد صندوق النقد الدولي ودول الوحدة الأوربية لمواقفها تجاه اليونان
.. وتم إنتخاب قيادة جديدة مشتركة من شرق وغرب المانيا وهما كل من
القائد النقابي العمالي كلاوس إيرنست من منطقة بايرن (غرب المانيا )
وعضوة البرلمان عن حزب اليسار غزينا لوتسكش . وينتمي أرنست الى
المجموعة المنشقة عن الحزب الأشتراكي الديمقراطي ومؤسس تجمع البديل
الأنتخابي للعمل والعدالة الأجتماعية والذي إتحد مع الحزب الديمقراطي
الأجتماعي قبل ثلاث سنوات وبهذا الأتحاد تم تغيير اسم الحزبين تحت إسم
واحد هو حزب اليسار الألماني .
وفي خضم المناقشات والخطابات في الأسابيع التي سبقت المؤتمر ظهرت خطوط
واضحة للخلافات بشأن البرنامج الجديد للحزب ونقاطه الأساسية المتمثلة :
بالموقف من الحرب ومشاركة المانيا في حرب أفغانستان , وشروطها , وإن
كان يجب الأمتناع عن المشاركة في الحكومة التي تخوض هذه الحرب مع
الولايات المتحدة الأمريكية و الوقوف ضدها تماما أم التخلي عن هذا
المطلب بشكل عام .
في نفس الوقت وقف أغلب المتحدثين من جناحي الحزب ( إشتراكيي الحكومة )
و (معادي الرأسمالية ) - كما أسمتهم صحيفة يونكة فيلت الألمانية
اليسارية- موقفا واحدا .كما ذكره أحد المنظرين في الحزب (الوحدة في
العمل والأنفتاح في النقاشات ) وحتى رئيسة الحزب الجديدة قد أكدت على
ضرورة مناقشة برنامج عملي وتضامني ويتضمن موقفا واضحا وصريحا ضد
الرأسمالية وتوجهاتها الجديدة . وجاء ذلك جوابا على سؤال لأحد الصحفيين
( عندما تصبح لصحيفتكم خمسة ملايين من النسخ المباعة هل ستغيرون من
مواقفكم هذه ؟ وأضاف القائد الثاني (إرنست ) : اليسار يجب أن يكون حزبا
ليس هدفه الحصول على أكبر مقاعد في البرلمان وإنما خارجه في الدخول
لتحسين علاقات الحياة أو بتعبيرنا العربي تحسين الحياة المعيشية للناس
من خلال تطوير علاقة الحزب بالناس .. وأكد بان ليس هناك أي أساس لصناعة
السلام مع الرأسمالية. .
وأوضحت مساعدة الرئاسة الحزبية الجديدة سارا باوكنشت ( من الجناح
الشيوعي في الحزب ) والأكثر تأهلا لقيادة الحزب لولا اللوبي القيادي
السابق المتمثل بجورج كيزي والتي لا تخلو من دفع وضغوطات حكومية أنها
تريد أن يبقى حزب اليسار الألماني حزبا معارضا للحرب والليبرالية
الجديدة ( إننا يجب أن لا نعود ثانية للدفاع عن هذا المبدأ , وننفذه
بصرامة من خلال المعارضة والمواجهة مع توجهات الخصخصة وإنهاء الخدمات
الأجتماعية العامة , لأنها تهدد مبادئنا ومصداقيتنا ). وفي معرض ردها
على تصريحات قائد الحزب الأشتراكي الديمقراطي ضد حزب اليسار بأعتباره
حزبا بارغماتيا قالت : إن الحزب الأشتراكي الديمقراطي من خلال سياسته
الليبرالية الجديدة فقد نصف ناخبيه وسنكون مجانين إن إستمعنا الى
نصائحه .
جورج كيزي رئيس الكتلة البرلمانية للحزب والذي قدم إستقالته بضغوط من
القاعدة الحزبية والذي يؤخذ عليه تهاونه وعدم صرامته في مواجهة الحرب
الأمبريالية وإرتكابه العديد من الأخطاء وفي نفس الوقت ممارسته للعديد
من المهام والمسؤوليات في نفس الوقت أكد : إذا بقي الحزب الأشتراكي
الديمقراطي على ماهو عليه فأننا سوف لن نشترك معه في الحكومة ولن نكون
تحت تصرفه .
وبقي على حزب اليسار من الوقت 18 شهرا لمناقشة برنامج الحزب الذي سيقر
في خريف عام 2011 وفي إنتظاره الكثير من المسائل والقضايا الحيوية في
حياته الداخلية وفي توجهاته في الصراعات الأنتخابية المقبلة .. وقد أكد
معظم المرشحين لرئاسة الحزب أهمية توسع القاعدة الحزبية وإنظمام المزيد
من الأعضاء الجدد .
ومن الجدير بالذكر إن حزب اليسار الألماني تأسس بعد إندماج
الألمانيتين الشرقية والغربية ويتألف من العديد من الأجنحة والأتجاهات
اليسارية والشيوعية والأشتراكية الديمقراطية والتيارات الأصلاحية و
الشخصيات والمفكرين المستقلين ويعتمد في قيادته الحزبية على
الديمقراطية الداخلية في قيادة الحزب وإنتخاب ممثليه الى المؤتمر
الحزبي العام . إن الغلبة الرئيسية لحزب اليسار الألماني تسير بالأتجاه
التي تفرضه حركة الطبقة العاملة الألمانية مقرونة بالموقف الحازم تجاه
السياسة الليبرالية الجديدة وبالضد من الأمبريالية وتوجهاتها العولمية
الخطرة
16.05.2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق